شاطئ الاحزان للشاعر معتز زراري

قُلْ لي متى يُخلِصُ العشاقُ للعهدِ

قُلْ لي متى ترحلُ الأحزانُ عن لحدي
فالعشقُ في حالِهِ كالجزرِ والمدِّ

والناسُ من حولهِ كالشوكِ في الورد

ِ يا من نبشتِ قبورَ العشقِ في جَسَدي




هلاَّ قرأتِ كلامَ الله في العهدِ
ما كنتُ مثلكِ جنسي الغدرُ والكذبُ

ما كنتُ مثلكِ أهوى القتلَ بالعمدِ

أنتِ التي قلتِ لي يوماً بأنكِ لي

مِثلَ الدماءِ ومِثلَ الدفءِ في البردِ

الشوقُ يحرقني والقيدُ يخنقني



فلا أشدّ ولا أقسى من البُعدِ

الروحُ مصلوبةٌ والآهُ عاصفةٌ
تجتثُّ قلبِيَ في جزري وفي مدي

أرجوكَ يا شاطيءَ الأحزانِ والكَمَدِ

أرسلْ بِموجكَ أخباري لمملَكَتِي

خبرْ حبيبي بضيقِ الصدرِ والقيدِ


إن العذابَ عذابُ الروح لا الجسَدِ

والروحُ في جَسَدي ذابتْ من السهْدِ
مالي أرى الحزنَ ها قد جاء يسكُنُنا

والليلُ يبلَعُنا آهٍ بِلا حدِّ
ضاقت عليَّ ثيابُ الصبرِ أجمعُها

حتى غدتْ كفني في عتمةِ البُعدِ

كـم من شموعٍ بكتْ في شُرفةِ القَمَرِ

شـوقاً إليها فترمي القلبَ كالنـردِ

إني أُصلّي وأتلوها بأدعِيَتي

فالعشقُ شرعي وليلى جنةُ الخلدِ

في ثغرِها لؤلؤٌ كالبرقِ في الشفَقِ

في صوتها نَغَمٌ غنّتْه لي وحْدي

في العين ليلٌ يناديني ويسلبني

وفي الخدودِ جمال اللونِ في الوردِ

سمراءُ يا حلْوتي مسكينةٌ شَفَتي

فالثغرُ في شوقِهِ للشهدِ يا شهْدي

سمراءُ يا منيَتي حيرانةٌ عنُقِي

فالصدرُ في شوقِهِ للنارِ والبردِ

قلبي يصيحُ بأعلى صوتِهِ آهٍ

آهٍ إِلام النّوى والعمرُ في الحصْدِ



باللهِ يا قَمَري يا أجمَل البَشَرِ

لا تسْفِكي دمعتي يا جنّةَ الخلْدِ

لا تتركي شَفَتي للبردِ والسَّقَمِ

لا تتركي أُذُني في وحشةِ الرعْدِ


آهٍ فصمتُكِ يكويني ويحرقُني




والعشقُ بالفعلِ لا بالصمتِ والبُعْدِ

يا نشوةً سكنت قلبي وأورِدَتي

في الصحوِ والنومِ، بين الركعِ والسجدِ

يا زهرةً أينعتْ من خمرَتِي وفَمِي

والخمرُ من شَفَتيْنا قُبلةٌ تُعْدي

أصْغي إِليَّ فإني عاشِقٌ أَحَدُ

وفاتِنٌ لنساءِ الأرضِ واللحْدِ

هيَّا تعالي نغنّي العشقَ بالقُبَلِ

يا لذّةً أُشعِلتْ من نكْهةِ الخَدِّ

أتذكرينَ هُنا قبلْتِني وهُنا

عانقْتِني وجذبتِ القدَّ للقدِّ

كان الشتاءُ يُغني لحنَ مولِدِهِ

والبرقُ من حولِنا والزهرُ في المهْدِ

والليلُ والنجمُ في عينيكِ كالأُفُقِ

والشمسُ تُشرِقُ من جفنيْكِ يا وعْدي

يزفُّنا البرقُ والأمطارُ والبَرَدُ

والغيمُ يحمِلُنا في نسمةِ الودِّ

مازلتِ يا وَجَعي كالروحِ في الجسَدِ

ما زلتِ يا ليلَتي للقلبِ كالرصْدِ

يا نشوة الخمرِ ما أشهاكِ سيّدَتي

يا طيفَ ذاكِرَتي عودي إلى عهْدي

يا من لها سَجَدتْ كلُّ النساءِ رِضاً

لا تَحرِمي مُهجَتي من مُتْعةِ السُّهْدِ

لا تجعلي الهجْرَ جلاّداً فيجلِدني

لا تقطعي أمَلي بالصمْتِ والصدِّ